الأربعاء، 19 أكتوبر 2016

أرض الجوافة و الحمضيات..قلقيلية وقانا.

بدأت الرحلة يوم الجمعة 14/10/2016،أو لنقل الاتصالات على سائقي سيارات الأجرة الذين نعرفهم، فأنا قضيت ليلتي تلك في عصيرة الشمالية وكمعظم قرى فلسطين لن أجد مواصلات عامة في ذلك اليوم، أخيراً وجدت سائقاً كان مستيقظا الساعة السابعة إلا ربع.

جميلة هي نابلس صباح الجمع،طرقاتها خالية إلا من عامل أجبرته الحاجة على العمل يوم عطلته أو عشاق النزهات والمسارات أمثالي أنا وكل المشاركين في مسار قلقيلية مع الملتقى الفلسطيني للتصوير والاستكشاف الذي سأشارك للمرة الأولى في أحد أنشطته وكلّي أمل ألّا تكون الأخيرة.

التعارف

في انتظاري لقريبي جلست أتأمل وجوه المشاركين،علّني أعرف أحدهم وحتى أحفظ بعضاً من الأسماء والأشكال،هذا فراس وهذا رشيد...قطع سلسلة تأملاتي متسوّلٌ..لتتحول من تعرّف إلى "ليش في ناس هيك :("...الآن صعدنا الحافلة وانطلقنا.

المحطة الأولى(بيارات الجوافة في قلقيلية)

كم مرة فتحت ثلاجة منزلكم واشتممت رائحة الجوافة الفواحة فيها، وكم من مرة اشتريتها من البقالة فقط لأن رائحتها جذبتك، فما بالك بالدخول إلى بيارات جوافة كبيرة تعبق بهذه الرائحة في كل مكان، فقلقيلية وبياراتها مشهورة بأنّها الألذ، لم أجد حبّة ناضجة أقطفها لكنّي أكلت أخرى خضراء وكانت جداً لذيذة.




 من بيارة إلى بيارة مشينا عبر قطع زينكو كبيرة فوق مجرى مائي صغير، ولكن لحظة.. هنا لا يزرعون فقط الجوافة بل هذه شجرة أفوكادو ونبتة الفلفل الأحمر الحلو تلك ذبلت بعض ثمارها من الشمس، وهنا حبة باذنجان تختبئ تحت الأوراق حتى لا تفقد لونها كما حصل مع رفيقتها.





المحطة الثانية(عزبة الطبيب)

هل سبق وسمعت بقرية عزبة الطبيب؟
في برنامج الرحلة قرأت"تناول الفطور في أحراش عزبة الطبيب"،ظننتها مجرد أحراش، فالمكان مليء بالأشجار العالية، ولم أعلم أنّها قرية سوى حين وقف شخص يدعى محمد نصار وهو ناشط في منتدى المثقفين في قلقيلية و بدأ الحديث عن المكان..





عزبة الطبيب والتي تقع ضمن أراضي "ج" على بعد كيلومتر واحد إلى الشرق من مدينة قلقيلية،سميت بهذا الاسم نسبة إلى عبدالله الطبيب في فترة الحكم الأردني، يعيش فيها الآن ما يقارب 250 شخصاً في 35 منزلاً،وتعاني من خطر الهدم بحجة عدم الترخيص،إذ تسلمت المنازل فيها إخطارات بالهدم كما وسبق أن هدم فيها محال ومنازل أعاد الأهالي بناءها.




للاستماع إلى محمد نصار في حديثه عن القرية،هنا.


المحطة الثالثة(قرية كفر ثلث)

في كفر ثلث لم أعرف الكثير عنها سوى أنّها قرية في الجهة الجنوبية الشرقية لمدينة قلقيلية، فنحن توقفنا قليلاً لأن موعد صلاة الجمعة حان، البعض ذهب للمسجد والبعض الآخر حاول استكشاف محيط مجلس القرية والحافلات، وكنت وعدت نفسي ألّا أكتب عن السلبيات إلّا أنّه وجب التنويه أنّي لذعت بلساني كل من لم يحافظ على النظافة.
قرية كفر ثلث هذه كانت مدخل المحطة الرابعة.



المحطة الرابعة(وادي قانا)

الجزء الأول:500 متر إضافي
"الحافلة لن تدخل هذه المنطقة كما كان مقرراً..أنتم ستسيرون لمسافة 500 متر تقريباً".."لا مشكلة".."لنبدأ"..
كان هناك سيارة لمن أراد "توصيلة"في هذه ال500 متر، وكانت هناك الطريق لمن أراد قطعها راجلاً،بالطبع كان الراجلون أوفر حظاً فعلى الرغم من الحرارة القائظة وانتصاف الشمس في السماء والطريق غير المعبدة، إلا أن الطريق محاطة بأشجار الزيتون من كلا الجانبين، وها هنا عائلة تقطف الزيتون وهناك من خلف الأشجار تسمع صوتاً يقول لك:"تفضل".
في الطريق يمكنك فقط تمتيع ناظريك بكل شيء والتوقف قليلاً لالتقاط الصور أو لقول سلفي فجأة وتحصل على أجمل صورة عفوية،أو لمنع نفسك من الانزلاق خاصة على المنحدرات.




الجزء الثاني:عائلة في الجبل
بعد انتهاء المسير الغريب الجميل وصلنا إلى سفح جبل سنتسلق جزءاً منه قبل الدخول إلى وادي قانا، في السفح عين ماء ولكن في الجبل ذاته..عائلة!.



عائلة فريد مقبل تعيش في الجبل المصنف ضمن مناطق "ج" منذ عام 1948 في بيوت من حجر قديم وسقف من زينكو،ولا حيلة لهم سوى القليل من الماشية وأشباه البيوت هذه.


في هذه المنطقة عاشت 20 عائلة لم يبق منها سوى عائلة مقبل،إذ أن هناك شيئاً ما يربطهم في هذه الأرض ربما لن تعرفه إلا إن كنت مكانهم، على الرغم من انعدام المواصلات والكهرباء وقلة المياه والمضايقات المستمرة وعدم السماح لهم بالبناء بحسب قول فريد.


للاستماع إلى قصة العائلة ومعاناتها هنا

أمضى جزء كبير من المشاركين وقتهم في التقاط صور لأصحاب المنزل وحمار كان هناك، كان جميلاً أن أراهم يقتربون منه ويلتقطون السلفي لأن ذلك جعلني أطمئن أن الحيوانات ربما ستعيش بسلام تام يوماً ما.


الجزء الثالث:انتبه على الطريق!
انتهى الوقت المسموح على الجبل..هيا لنكمل المسار..
ليس هناك الكثير للحديث عنه خلال هذا المسار،فالعين أصدق من القلم دائما،لكن سأحاول..
المسار كان ممتعاً وعراً قليلاً أو ربما كثيراً في بعض الأحيان، فأنت تسير في مساحة ضيقة لا تكاد تسعك، تحتاج فيها إلى عيون إضافية فجمال الطبيعة هناك لا يقاوم، وخطورة المسار لا تقاوم أيضا في حال انزلقت أو سقطت، لكن كانت هناك أغصان الأشجار والأيادي تعمل كبديل عن العيون خاصة أثناء الهبوط الأخير، الذي تشعر فيه أن أي خطأ في تقدير المسافات أو الحركات سيضع النقطة الأخيرة في حياتك.




الجزء الرابع:اليابسة!
انتهى المسار الوعر وعادت الأرض مستوية وبدأت تكتسي باللون الأخضر..أشجار عالية هنا وقطيع أبقار بيضاء كتلك التي في القصص على الجهة الأخرى.




منطقة وادي قانا تصنف ضمن مناطق "ج" وتعتبر محمية طبيعية يمنع فيها البناء والنشاطات الزراعية الجديدة المعمرة، وستلحظ هذا الأمر بشكل واضح عندما تبدأ خطوط المياه وآثارها بالظهور عند اقترابك من بيارات الحمضيات وعيون الماء.
اللون الأخضر لأشجار البيارات يثير فيك رغبة التقاط الصور، والثمر الأخضر غير الناضج مثقل الأغصان ويقول لك:"اقطفني".




في إحدى البيارات التي لبينا فيها نداء الجمال، التقينا بنافذ منصور، وهو أحد المزارعين هناك،وحدثنا عن مشكلة نقص المياه وتأثيرها على وفرة المحاصيل، وعن المشاكل التي تواجهها الزراعة في المنطقة.


للاستماع إلى نافذ منصور هنا

عند بركة المياه الأخيرة في نهاية المسار شعرنا أن واجباً علينا تناول كل ما في حقائبنا من طعام وهذا ما كان،ولكن الذي لم يكن هو زيارة إحدى أقدم المآذن في فلسطين في قرية حجة كما كان مقرراً،مما سبب لي خيبة أمل بسيطة، سأزيلها قريبا بعد أن أثري جعبتي بصور ومعلومات عن هذه المئذنة.



انتهى!


هناك 6 تعليقات:

  1. رائع جدا والى الأمام

    ردحذف
    الردود
    1. شكرا لك لينا.. كلماتك تسعدني <3

      حذف
  2. رائع جدا والى الأمام

    ردحذف
  3. تقرير رائع للغاية استرجعت فيه خطواتي في المسار الى الوراء لاتذكر الاحداث التي مضت وكانها دقائق معدودة .. اشكرك على هذا التقرير المفعم لالحرويه والنشاط وبكل شيء جميل تحياتي لكي ولاحروفك المنثورة على جدران ملتقانا الغالي .. يسعد اوقاتك

    ردحذف
  4. تقرير رائع للغاية استرجعت فيه خطواتي في المسار الى الوراء لاتذكر الاحداث التي مضت وكانها دقائق معدودة .. اشكرك على هذا التقرير المفعم لالحرويه والنشاط وبكل شيء جميل تحياتي لكي ولاحروفك المنثورة على جدران ملتقانا الغالي .. يسعد اوقاتك

    ردحذف
    الردود
    1. شكراً اسماء..جمال كلماتك يجعلني عاجزة عن الرد..

      حذف