الخميس، 29 سبتمبر 2016

روابي ليست المكان المناسب لسفرينو ..

في إحدى جولاتنا الاعتيادية على الدراجات الهوائية قررنا زيارة مدينة روابي،و هي أحد التجمعات السكنية الحديثة في رام الله و الأكثر شهرة ربما.
في بيرزيت كان لقاؤنا ثم عطارة و الطريق إلى روابي،لنكون بعد دقائق و مغامرات عديدة عند المدخل الرئيسي لها وأمامنا تلوح المباني العالية المرصوصة و المكدسة مذكرة إيانا ب"الليغو" أيام الطفولة.
لم أشعر بأي اهتمام يدفعني للدخول على الرغم من حبي للمغامرات والتجارب ،إلا أنني دخلت أخيراً لأن فريقي قرر التجول هناك...كانت المدينة عبارة عن طرق مبلطة تقف عليها سيارات فارهة،و مبان سكنية جزء كبير منها غير مأهول ، القليل من نباتات الزينة هنا وهناك في أحواض مرتبة بشكل منتظم أمام المنازل أو على الشرفات..الإضاءة خافتة و كل كلمة تقولها تسمع صداها في كل مكان ، ففي روابي لا أصوات أطفال ولا حتى أذكر أني رأيت قطة.

خلال تجوالي على الدراجة شعرت بأنني أمتلك حرية أكثر من كل الأطفال الذين صادفناهم ،شعرت أنّهم بشكل أو بآخر محكومون بنظام حياة معيّن سيكون رتيبا و مملا ليس لي فقط بل لسفرينو الأرنب الصغير...لنتخيل معاً أن سفرينو قرر أن ينتقل إلى روابي ،أين سيعيش ؟؟،أين سيزرع جزرته؟ أين سيركض على العشب الأخضر؟؟ من المستحيل أن يقضي هو الحر حياته في شرفة صغيرة أو في قفص صغير ..

لا أنكر أن المدينة جميلة عمرانياً و للمرور منها ربما ،لكنّها أبداً ليست المكان المناسب لي و لسفرينو فنحن نشأنا في هواء الريف النقي مع صوت نباح كلب ضال و دجاجة باضت للتو ،و طفل يقود دراجته و آخر أدخل كرة في المرمى بين الحجرين.

انتهى !.



الجمعة، 23 سبتمبر 2016

ركضوا لحفظ حق الطفولة و انتهكوا حقوق البيئة..

الجمعة ،الثالث و العشرون من أيلول يوم ماراثون الأطفال بعنوان Fun Run و الذي تنظمه الإغاثة الطبية في رام الله، و نحن سنشارك كمرافقين للأطفال للتأكد من سلامتهم ،هم يقطعون المسافة بالجري و نحن بالدراجات الهوائية.

بدأت الشرطة بإغلاق الطرقات و المسعفون بالتوزع على كل المفارق ،تعالت بعد ذلك الأصوات الطفولية مؤذنة بقرب صافرة الحكم (3،2،1..10) ،ثم انطلاق.

وجوههم تشع بالفرحة و كل منهم يبذل قصارى جهده و يشجع صديقه الذي بجانبه للجري أسرع ، بعضهم حاول الإمساك بدراجاتنا و التعلق بها من أجل السماح لهم "بأخذ شوط".

بقي كل شيء على ما يرام حتى وصلنا الطريق المؤدي إلى دوار نيلسون مانديلا ،اعتقد أن المشكلة كانت منتشرة لكني لم ألحظها سوى في تلك اللحظة ، الزجاجات الفارغة في كل مكان ،الأطفال يسكبون المياه المعدنية على الأرض ،المتطوعة التي أعطتهم إياها ألقت بالأكياس في الشارع،بدأ الأمر يستفزني .

عندما وصلت إلى مرحلة لا تطاق من الانزعاج ،استوقفت أحد المتطوعين فكان تبريره أن هذه ثقافة مجتمع و لا يمكن تغييرها بسهولة و تحتاج وقتاً .. و في أثناء جدالنا طلبت من طفل يسير أن يزيل زجاجة لم يكن هو من ألقاها ،ففعل !!،وواظبت على ذلك في طريق العودة و لم يقل أي طفل :"بديش،مش انا رميتها".

عزيزي ..ما ضر المتطوعة لو كانت قدوة حسنة و ألقت الأكياس في السلة المخصصة.
عزيزي.. الأطفال يستجيبون بسرعة للأفعال الحسنة ،لماذا لم تحاول حتى أن تقول لهم : ارمها في سلة النفايات بعد الانتهاء منها.
نظموا الفعالية ليعلموهم الدفاع عن حقوقهم وسمحوا لهم بانتهاك حقوق البيئة عبر إلقاء النفايات و سكب المياه .. فمنذ متى تجتزأ الحقوق ؟؟!!! 




الاثنين، 19 سبتمبر 2016

لم تعد الجدة تنتظر..

حدثت هذه القصة في زمن ثابت في القلوب لكنّه يبعد شيئاً فشيئاً في الزمن المحسوس..

أذكر تلك الجدة بشعرها القصير و خصلاتها التي تتسلل من تحت خرقتها البيضاء الأنيقة ، و ثوبها الأخضر البسيط ،ووجهها ذي الملامح الدقيقة الجميلة جدا ،كانت تجلس في ساحة منزلها كل يوم ترقب الشارع أحيانا و تطعم القطط أو الدجاج أحيانا أخرى.


هذه الجدة توفي زوجها في شبابه ، وأخذت على عاتقها تعليم أطفالها بكل السبل ، و عندما كبر الأطفال تفرقوا ،البنات تزوجن و انتقلن إلى بيت الزوجية و الذكور سافروا و تزوجوا و لم يبق لديها سوى ذكريات و أصداء أصوات في منزلها الكبير الذي أصبح موحشاً.


كانت تنتظر المناسبات لترى عائلتها تجتمع حولها و دائما كانت مثل "بابا نويل" جدة الحلوى ،و بيتها كان مرتع الأطفال و مكان استكشاف الأسرار الغريبة ، لكن مع الزمن بدأ الأحفاد يكبرون و يبتعدون لأسباب غير واضحة ،كل باتت له اهتماماته و مشاغله ،و عادت الجدة تجلس وحيدة في ساحة المنزل لا تطعم القطط هذه المرة فصحتها لا تسمح



ما أدهشني في إحدى الزيارات لها أن الأحفاد و الأولاد المدللين باتوا المراهقين و البالغين المتذمرين فإن قالت لأحدهم لا تفعل هذا تذمر أو ربما صرخ في وجهها ،و المبكي أنها تصمت و تنظر للأرض فلا حول لها للرد ولا قوة.


مضى الزمن و فرغ بيت الجدة ففي الأعياد لم تعد ترى سوى أولادها و بناتها الذين لا يزورونها إلا لماماً يجلسون لسويعات قليلة مع والدتهم التي تجاوزت الثمانين كجزء من واجب إجباري و ليس من حب يكنونه لهذه السيدة الفاضلة التي باتت تجلس تنتظر أحدا يطل عليها على أحر من الجمر ،فهي تشتاقهم بجنون.


اليوم ،الباب مغلق ،فلا جدة تجلس في الساحة ولا أحفاد يدخلون البيت ،فالجدة رحلت إلى خالقها حيث زوجها الذي أحبها و أحبته طيلة حياتهما،و ربما هو الآن يسألها عن أهل بيته و هي تجيبه بكل حب كما اعتاد الجميع عليها ، و أهل البيت يعضون أصابعهم ندما و حسرة .


#قصة حقيقة #

الجمعة، 16 سبتمبر 2016

65 كم رام الله -أريحا

ذات ليلة كنت أتصفح الفيسبوك بملل قاتل،لأجد دعوة من أحد الاصدقاء للمشاركة في جولة للدراجات الهوائية تنطلق من مدينة رام الله إلى أريحا في 16 من أيلول و كنا حينها لا نزال في تموز،و بدأت بالتخطيط و إقناع الاصدقاء و الصديقات بالمشاركة.

كنت حريصة جدا على إبقاء هذا اليوم خال من أي التزامات و هذا ما حصل ، حلّ السادس عشر من أيلول .. الساعة السادسة و النصف كنت أقف و دراجتي مع بقية المشاركين بجانب دوار المنارة ننتظر الانطلاق ،لا أخفي أحدا أني كنت خائفة جدا ،على الرغم من أن هذه ليست المرة الاولى لي في قيادة الدراجات،لكن الفرق هو المسافة الكبيرة و درجة الحرارة العالية .. 
انطلقنا ..(كنت قد تعرفت على معظم المشاركين في تدريبات سابقة)
راكب الدراجة يفرغ رأسه من كل الهموم و يبقى همه و متعته الوحيدة هو منحدر خطر أو صعود متعب ،و ربما لا يعرف شعور الانطلاق بسرعة عالية في المنحدرات سوى المجرب..
رام الله -بيتين-عين يبرود-سلواد-دير جرير-الطيبة -المعرجات-العوجا-أريحا..هذا هو المسار ،و كم من مرة توقفنا لإصلاح عجلة ثقبت أو مكبح تلف.. و كم من مرة فتح المشاركون ورشات إصلاح على جوانب الطرقات (مرفق الصور)

في مركز العوجا البيئي كان لنا استراحة قصيرة لتناول حبة تفاح ترد الروح و التعرف على المركز، و من ثم الصعود في شاحنة إلى مفرق بيسان لمتابعة الطريق إلى أريحا (المحطة الختامية)..

 العودة إلى رام الله كانت في الظهيرة حيث انطلقنا مجددا من قرية بيتين و حتى دوار المنارة في رام الله ،و المضحك أنّني و كاميليا وقفنا على جميع الإشارات المرورية و سمعنا ما سمعنا من التعليقات ،فما نسيت قوله أننا نعيش في مجتمع لا يتقبل كثيرا أن تقود فتاة دراجة ،و ربما آن لهذا الامر أن ينتهي يوماً . ..
و للجولات بقية..
إحدى ورشات التصليح عند تلف مكبح دراجة  أحد المشاركين في طريق المعرجات

مفرق بيسان أريحا
قبل الانطلاق الساعة 6:40 من أمام دوار المنارة في رام الله

دَين الحلوى

توقفت الحافلة في آخر محطة لها و ترجل ذاك الكهل .."صباح الخير عمو " .. رد بصعوبة أدهشتني و اربكتني و لم أعرف كيف أسأله "كيف حالك"..
قبل سنوات طويلة أصيب خلال شجار عائلي إصابة أفقدته عمله و صحته .. بنى كشكاً صغيرا لبيع الحلوى و العصائر..و كان سعيدا به كنت دائما أمر بدكانه الصغير و اشتري زجاجة ماء..
لصدفة يا ليتها لم تحدث لم أمر به لفترة طويلة و كنت دائما ما أسأل صديقتي أن تشتري لي ما أريد في طريقها ،فأنا حين دخلت اليوم إلى دكانه لم أجد شيئاً.. الدكان شبه خالية..
سألت كثيرا حتى عرفت أن أهل الحي و الاصدقاء يأخذون الحلوى بالدين !! حتى أن بعض الديون وصلت إلى 30 ألف شيقل.. ويحكم أتغيرون مذاق أفواهكم من جيوب غيركم..!


#قصة_حقيقية