الأربعاء، 3 أكتوبر 2018

4 ساعات في سبسطية

عادة يخيل لنا أن الحياة تتوقف أيام الجمعة، فالمحال مغلقة والناس نيام والمؤسسات في عطلة، ولكن في الحقيقة هذا يومك، لتخرج وتستكشف الكوكب من حولك.
سبسطية إلى شمال غرب نابلس، ليست كبيرة ولكنها غنية بالتاريخ والآثار والقصص، وربما الأساطير.

قد تسأل، لماذا سبسطية؟
الروايات كثيرة ولكن التي استهوتني هي أن هيرودوس هو من أسماها تكريما لأغسطس الذي أعطاه المدينة، ولم يكن الاسم فقط هو وسيلة التكريم عند هيرودوس فهو أيضا بنى معبد أغسطس في منطقة قد تكون الأعلى في حينه، ليراه الجميع من كل مكان وبالتالي يخلّد أغسطس.


جولتنا بدأت من هنا






المسجد الكائن في وسط البلدة، أو مقام النبي يحيى، أو سجن النبي يحيى.
تقول الحكاية إن هيرودوس أراد أن يتزوج زوجة أخيه، فاستشار النبي يحيى، وهذا كان محرما آنذاك، فأمر بحبس النبي يحيى في غرفة تحت الأرض، ولمنع وصول أي شخص إليه كان طعامه يصله من فتحة صغيرة.


بوابة السجن
بلاط السجن

الفتحات الست في الحائط هي ل6 قبور، يقال إن يحيى وزوجته وأتباعه مدفونون فيها.


كان هنا مجموعة تماثيل تروي قصة قتل يحيى، وبقي منها اليوم اثنان.



لحساب أجرة العامل عند الرومان: كل عامل ينقش رمزا خاصا به على الحجر الذي يبنيه 


هذا المبنى كان كنيسة ثم أضيف إليه الجامع، ورممت أسواره أكثر من مرة، وبنيت المزيد من الغرف لاحقا، ولذلك نلاحظ في الصور السابقة اختلاف شكل الحجر وربما نمط البناء.

وفوق مكان السجن تجد قبة أيوب، لأن هناك قصة أخرى تقول إن صلاح الدين الأيوبي وفي خط فتوحاته مر من سبسطية.
...

نقطتنا التالية هي ساحة البازليكا، والتي فيها رقصت سالوميا ابنة اخ هيرودوس، وكان هيرودوس مخموراً فطلب منها المزيد من الرقص، إلا أن والدتها هيروديا اشترطت أن ترقص برأس يحيى لأنه حال دون زواجها من هيرودوس.


وفي ذات الساحة نجد أن الرومان عندما أقاموا أعمدة مدينتهم، لم يثبتوا أجزاءها بالكامل لأن ذلك كفيل بجعلها عرضة للسقوط عند أول زلزال قوي، لذلك صممت بوسط محدب وفوقه آخر مقعر بحيث تهتز ولا تسقط.

فتحات أرضية استخدمت كمصفاة للقرابين عند ذبحها

بدأنا الحديث عن قطع رأس النبي يحيى، وهنا سننهيه، فهذا المكان شهد عملية قطع الرأس قبل أن يكون كنيسة تسمى الآن كنيسة الرأس، وفي غرفة صغيرة تنزل إليها بدرجات معدودة تصلي وتضيء الشموع لروح يحيى أو ربما لروحك.

كنيسة الرأس

مكان قطع الرأس

لنكمل المسير.. 
في طريقنا إلى أعلى التلة نمر بمكان معبد أغسطس وما تبقى من قصر عمري، ولكن الشمس حالت دون التقاط أي صورة جيدة.. تلك المنطقة كانت مخزنا لكميات هائلة من الزيت والنبيذ، فسبسطية اشتهرت قديما بهما.



أما التي قد تراها كومة أحجار أو بقايا بناء أو سور، فهي لبرج هيلانة أحد أبراج المملكة اليونانية آنذاك.



إلى جانب البرج نرى المدرج الروماني الصغير، وإن كنت تعرف مدرجات الرومان الضخمة العامة، فستستنتج أن هذا كان للنخبة حتما، وكم تمنيت لو استطيع أن أنقل لكم التجربة الصوتية في ساحة المدرج، فالرومان أسسوا نظاما صوتياليسمعه جميع الجالسين.




الآن اترك المدرج على يمينك.. وسر للأمام بين الأشجار لتصل قبل غروب الشمس، وترى مكان بوابة سبسطية التي قالت لنا روايتها إن صوت إغلاقها كان يسمع من ساحل المتوسط.




وفي طريق خروجنا من المدينة الرومانية سنمر بشارع الأعمدة الذي يقع على يسار الشارع المعبد الآن، وفيه كانت الحوانيت والمنطقة المظللة.



الجولة لم تنته، فنحن سرنا مع قصة هيرودوس ويحيى، ولكن في داخل البلدة القديمة في سبسطية مجموعة من الأماكن التاريخية المهمة
هذه الصور مثلا للمقبرة الرومانية التي كانت عدة طبقات، فمكانتك الاجتماعية والعسكرية تحدد في أي طابق ستدفن وماذا سننقش على قبرك.





أما البوابة هذه فتدخلك إلى قاعة البد التي حجارتها أيضا من فترات مختلفة، ويستخدمها أهل البلدة الآن لحفلاتهم أو تدريباتهم المختلفة ربما.





غابت الشمس.. تأخر الوقت..انتهت الجولة.. ليعد كل منا لمنزله ومعه حكايات جديدة يقصها على عائلته.

انتهى!