الثلاثاء، 11 ديسمبر 2018

من نقطة عنوان إلى استكشاف!

أنت خلقت في هذه البقعة، ولكن أبدا لا يجب أن تبقى فيها، أخرج واستكشف وتعرف..
الثلاثاء الذي يشبه الجمعة هو يوم الجولات الخفيفة أو الطويلة، وفي أحدها كنا في اللبن الشرقية على طريق نابلس رام الله، والتي كانت دائما بالنسبة لي  مكانا لتحديد الموقع في طريقي من نابلس إلى رام الله أو العكس، "وين انت هلا؟ عند اللبن".


الأمر تماما كالكعكة، تحب شكلها، وإن تذوقتها فستذكر الطعم أكثر، وهذا ما حدث، في اللبن كان بانتظارنا (أنا ورأفت) الصديق واجد، وهو من دعاني وشجعني على زيارة قريته.




كما المحب في أول موعده كنت، التقي بغزالة وجها لوجه دون سياج حديقة الحيوان أو صخور الجبل لتفصل بيننا، المرة الأولى التي سأمسد فيها ظهرها، وأشعر بالألفة.

أحب الحيوانات وأحيانا أخاف أن اطعمها بيدي، ولكن وبجرأة فاجأتني أنا أيضا، أمسكت ببذور عباد الشمس وأطعمتها، ولا أنكر أن خوفي وسعادتي امتزجا بطريقة مضحكة حينها.



قرية اللبن لا تختلف عن القرى الفلسطينية بما هو فوق الأرض ولكن تحتها يكون المكان على حسب اختلاف حياة من سبقونا، فتحت ديوان آل عويس فيها قاعة كبيرة صخرية، ربما هي رومانية أو قبل ذلك، وفيها نفق ضيق وصغير تعبره لتصل إلى مكان سكناهم قديما وهناك أعمد ربط، ومعاصر الزيتون، وأماكن تعتيق النبيذ، وكهوف للنوم ومكان أسرجة النور وغيرها.





لا تدخل لو كنت تكره الأماكن الضيقة أو المغلقة، فهناك ستشعر بالرطوبة والبرودة وستسأل نفسك كيف عاشت الناس هنا، المؤكد هو أنها لم تكن مغلقة، الطريق لم تكن بهذا الارتفاع والمنازل فوقها لم تكن، وكانت لها منافذ للتهوية.


القرية هادئة مثالية، الطلبة في المدارس، الدكاكين الصغيرة والمتناثرة في القرية مفتوحة، وعلى أبوابها يجتمع الأصحاب أو الجيران لمناقشة أمورهم أو أمور غيرهم.




 نبدأ الآن مسارنا الجبلي من عين الراعي وهناك وطول مسيرك ترى تارة شجر القتلب (القيقب) أو السريس أو البطم، أو ربما تلتقي بصبارة صغيرة غريبة الشكل، أو زهرة الخريف.

ثمار القيقب أو القتلب

زهرة الخريف



المسار ليس خطرا بل صعبا يحتاج هدوءا وترويا خوف الانزلاق وإيذاء نفسك أو نبتة أو شجرة ما، الأرض هناك مسكينة! لا تقليم ولا اهتمام، جافة ومليئة بالقش الجاف، وربما هي سعيدة بذلك، لم أكن يوما شجرة لأعرف، ولكن الأكيد أنها لن تنزعج من القليل من العناية لو قدمت لها.






أحجار الخربة الأثرية ضخمة تجبرك على محاولة تخيل كيفية وصولها إلى قمة الجبل، والآن لنستعرض بعض صور المنطقة:






المتة أخيرا جربتها، تخيلت طعمها كثيرا ولم يخطر ببالي أنها تقترب كثيرا من الشاي الأخضر ولكن بدرجة أقوى، والقهوة على النار أمام المدفن أيضا لذيذة، تشربها وتناقش شؤون المجتمع وماذا لو خرج أهل المدفن ليروا قبورهم التي حطمت وسرقت نثرياتهم منها؟ والموسيقى ربما والسفر وغيره، كل هذا والشمس تلعب الغميضة تارة تشرق وتدفئك وتارة تغيب وتحل محلها نسمة هواء لطيفة.

المتة بعد التعب!


أثناء التجول بين الصخور تلاحظ علامات عليها تشبه أثار الأقدام والدوائر وغيرها، هذه تسمى المُقُر، وفي تصميمها فن، فالمسافات بينها متساوية.




من بين المدافن أيضا وجدنا واحدا لطفل صغير وآخر لامرأة ورجل دفنا سوية، لم نر العظام لأنه تمت إعادة دفنهما.

الآن إلى طاروجة، وطاروجة هذا جبل يرتفع 812 متر عن سطح البحر، تعددت الروايات حول اسمه منه أن الولي الصالح الذي سكن هناك طار وأجا (أي جاء)  ومنها جاءت طاروجا، ولكن المرجحة أكثر هي من طر وأوجا: طر هي الطور وأوجا يعني الأوج: وهو القمة أو العلو أو الارتفاع.

وعلى قمة الجبل هناك مسجد أو مقام سكنه الأولياء الصالحون كان آخرهم شيخ من قرية عارورة، ولكن استباحة المكان مزعجة!.



داخل المقام



أخبرتكم الكثير عما أحببت، ولكن ماذا لم أحب؟
النفايات! في كل مكان، وصدقا لا تعرف كيف وصلت، كيف تصل ثلاجة لمنتصف الجبل؟ هل هي ولي صالح يطير أيضا؟

صيد الغزلان والطيور وحرق الأشجار، وقلة العناية بالمكان.


 تستخدم لصيد الغزلان


في طريقنا للجبل ذهبنا إلى قرية مثالية أكثر، عمورية.. القطط تستريح في عرض الشارع ولا تقلق، وعلامات الكسل عليها واضحة، وصادفنا أيضا طفلا يقود دراجة بلا كرسي ورجله مكسورة!




انتهى!



هناك 4 تعليقات:

  1. أسلوبك في السرد سلس وهادئ ومتدرج، تنتقلين من فقرة إلى فقرة ومن مكان إلى مكان بكل خفة.. تحياتي لك أيتها الجميلة

    حنين هندية
    نابلس

    ردحذف
    الردود
    1. شهادة أعتز فيها ^_^ ، شكرا جزيلا جزيلا <3

      حذف